جُحَا وَ سِرْوَالُهُ ٱلمُصَابُ

   طَلَبَ تِيمُور لَنْك أَحَدُ ٱلْأَتراك ٱلْعُثْمَانِييِِن لِيُعَيِّنَهُ فِي مَنْصِب كَبِيرٍ, وَ كَانَ مِنَ ٱلصّعَبِ أَنْ يُوَافِقَ أَحَدَ لأَنَّهُ يَكُونُ فِي كُلِّ وَقْتِ عَرَضَهُ لِلسَّخْطِ بُعْدُ ٱلرِضَاء. لِذٰلِكَ رَاجَعُوا جُحَا فِي أَمْرِهِم لأَنَّهُ كَنُوا يَسْمُونَهُ (مُنْقِذُ ٱلأَرْوَاحِ) وَ قَالُوا: إنَّكَ مِمَنْ يُحِبُّهُمْ تِيمُورُ مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً فَنَرْجُو أنْ تَتَوَلِّيَّ أنت ذٰلِكَ ٱلْمَنْصِبَ وَ تِلْكَ ٱلْمُهِمَّةَ وَ تكَونَ في معيته مدة قصيرة بينما نرى من يمكن أن يقبلها. و كان جُحَا صَافِيٌّ أَلنِّيَّة رَقَيقُ ٱلْقَلْبِ وَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ كَانَ ذُو حَمِّيَّةً وَطَنِيَّةً عَظِيمَةً فقَبَلَ رَجَاءَهُم. عَرَضُوا ٱلأَمْرَ عَلَى تِيمُور لنْك فَفَرِحَ به. إِﻻ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ بِتَجّرِبَةٍ ظَاهِرِيَّةٍ يَمْتَحِنُ فِيهُا ثبات جَأْشَهُ وَ أَمَرَ بِهِ فَقَامَ جُحَا وَاقِفًا فِي ٱلْمَيْدَانِ بِحَضَرَةِ تِيمُور لَنْك فَرَمَى أَحَدُ ٱلرَّمَاةِ نِشَابَةً جَعَلَهَا تَمَرَّ مِنْ بَيْنَ رَجْلَيْ جُحَا أَلَّذِي خَافَ طَبْعًا وَ لٰكِنَّهُ لَم يَنْطَقْ بِكَلِمَةٍ وَقَرَأَ كُلَّ مَا يَحْفُظُهُ مِنْ دَعْوَاتِ ٱلإِعْتِصَامِ ثُمَّ أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَرْمِيَّ قَوْسَهُ وَ يَصِيبُ كَم جُحَا تَمَامًا وَ يُثَقِّبَهُ فَفَعَلَ وَأَصْبَحَ جُحَا فِي حَالٍ عَجِيبٍ مِنَ ٱلْخَوْفِ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يَرْمِيهُ ثَالِثَةٌ بِنِشَابٍ يَصِيبُ قَلْنِسُوتَةً تَمَامًا فَفَعَلَ وَ ثَقَّبَ ٱلزّرَّ. وَ عَنْدَهَا خَافَ جُحَا خَوْفًا عَظِيمًا وَ لٰكِنَّهُ وَقِفَ جَامِدًا كَالْعَمُودُ لا يَتَحَرَّكُ, وَ أَعْجَبَ ٱلسُّلْطَانُ بِجَرْأَتِهِ وَ أَنْعَمَ عَلَيْه بِعَطَايًا وَافِرَةً فَشَكَرَ لَهُ جُحَا هٰذِهِ ٱلنَّعَمَ وَقَالَ لَهُ: ـ أَخِيرًا أَرْجُو أنْ تَأَمُرُوا لِي بِسِرْوَال أَيْضًا لِيَكْمِلَ طَقَمُ ٱلثِيَاب تَمَامًا فَقَالَ تِيمُور لَنْك: ـ لَقَدْ أَبْلَغُونَا أَنَّهُ لَم يَصِبْ سِروَالَكَ بِضَرَرٍ وَ قَدْ عَايِنُوهُ فَلَمْ يَرُوا شَيْئًا فَقَالَ جَحَا: ـ أَجَلْ يَا سَيِّدِي كَلامُكَ حَقٌّ, فَإِنَّ ٱلسِّرْوَالُ لَمْ يَصِبْهُ أيِّ ضَرَرٌ خَارِجِيٌّ مِنْ رَمَاتِكُم, وَلٰكِنَّهُ أَصِيبٌ مِنِّي بِأَضْرَارٍ عَظِيمَةٍ فِي دَاخِلَهُ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ مَكَانٌ يُمْكِنُ إِمْسَاكَهُ مِنْهُ

    zdroj: Muhammad Sábit, Navádiru Džucha wa Zurafá'u l-arab.

    lekce: 48